(فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ): هو بفتح الميم، قَالَ ابن التين: المشهور في اللغة أن ماضيه: دمَع بفتح الميم، فيجوز في مستقبله تثليث العين، وذكر أبو عبيدة لغة أخرى أن ماضيه: مكسور العين فيتعين الفتح في المستقبل، وفعله - صلى الله عليه وسلم - هذا دال على أن النهي عن البكاء إنما هو عن الصياح كما سيأتي (١).
تاسعها:
فيه استحباب إدخال القبر الرجال ولو كان الميت امرأة؛ لأنه يحتاج إلى قوة، وهم أحرى بذلك، وأيضًا لا يخشى عليهم انكشاف العورة، وقد أمر الشارع أبا طلحة أن ينزل في القبر المذكور.
ومعنى:"لَمْ يُقَارِفِ" بالقاف السابقة ثم بالفاء اللاحقة في آخره، وقد أسلفنا عن فليح أنه قَالَ في الأصل بعد هذا: أي: لم يذنب. وقيل: لم يُجامِع أهله، وهو أظهر، وإنما أراد بعد الطهارة لما يرجى في ذلك للمنزولة في قبرها، وعُلِّلَ أيضًا بأنه حينئذ يقرب بالتلذذ بالنساء، والمدفونة امرأة، فخاف عليه أن يذكِّره الشيطان ما كان فيه تلك الليلة، ويقال: إن تِلك الليلة بات عثمان عند بعض جواريه فأطلع الله تعالى نبيه على ذلك، فمنعه من النزول في قبرها؛ لأنه لم ينظر في نفسه انقطاع صهارته من سيد الخلق في الصورة، ولا تألم لفراق زوجته، ولا استحب حكاية هذا، وهو من حسن لطفه أنه لم يؤاخذ أحدًا بما فعل ولكن يعرض، وهكذا كان دأبه - صلى الله عليه وسلم -.
(١) برقم (١٢٩٣) كتاب: الجنائز، باب: ما يكره من النياحة على الميت.