وقول عمر:(دعني أضرب عنقه). يعني: لما ادعى وظن أنه يجب عليه.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ("إِنْ يَكُنْ هُو"). هو الصحيح وفي رواية:"يَكُنْهُ". وهذا الضمير في "يكنه" هو خبرها، وقد وضع موضع المنفصل واسمها مستتر فيها.
والمعنى: إن يكن هو الدجال الذي يقول: إنه رب فلن تسلط عليه؛ لأن له مدة سيبلغها، وإنما يقتله عيسى، ولابد أن ينفذ فيه القضاء. ("وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُو فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ") يعني: لصغره، وهذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتضح له شيء من أمره هل هو الدجال أم لا؟
ولعل الله تعالى قد علم في إخفائه مصلحة فأخفاه، وأوجب الإيمان بخروج الدجال الكذاب، وفي هذا دلالة على التئبت في أمر التهم، وأن لا تستباح الدماء إلا بيقين، ولا شك في أن ابن صياد من الدجاجلة، وأما احتجاجه بأنه مسلم والدجال كافر، وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له، وبأن الدجال لا يدخل الحرمين وقد دخلهما، فغير واضح، وإن كان محمد بن جرير وغيره ذكروه في جملة الصحابة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر عن صفات الدجال وقت فتنته وخروجه.
ويؤكد أنه هو، أو دجال من الدجاجلة: قوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسول الله، وأنه يأتيه صادق وكاذب، وأنه يرى عرشًا، وأنه لا يكره أن يكون الدجال، وأنه يعرف موضعه الآن، ولا شك أن من رضي لنفسه دعوى الإلهية وحالة الدجال فهو كافر، وقد صرح به القرطبي (١).