الروح هو النفس البخاري يدخل ويخرج لا حياة للنفس إلا به، والنفس تألم وتلذ، والروح لا تألم ولا تلذ. وعن ابن القاسم، عن عبد الرحيم بن خالد: بلغني أن الروح له جسد ويدان ورجلان ورأس وعينان يسل من الجسد سلًا. وعنه أيضًا: أن النفس هي التي لها جسد مجسد.
قَالَ ابن حبيب: وهي في الجسد تحلق في جوف حلق تخرج من الجسد عند الوفاة، ويبقى الجسد حيًّا، ونحوه حكى ابن شعبان، عن ابن القاسم وزاد قَالَ: الروح كالماء الجاري. قَالَ أبو بكر بن مجاهد: أجمع أهل السنة على أن عذاب القبر حق، وأن الناس يفتنون في قبورهم بعد أن يحيوا فيها، ويسألون ويثبت الله من أحب تثبيته منهم. وقال أبو عثمان بن الحداد: وإنما أنكر عذاب القبر بشر المريسي والأصم وضرار، واحتجوا بقوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلَّا المَوْتَةَ الأُولَى}[الدخان: ٥٦] وبمعارضة عائشة لابن عمر.
قَالَ القاضي أبو بكر بن الطيب وغيره: قد ورد القرآن بتصديق الأخبار الواردة في عذاب القبر قَالَ تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}[غافر: ٤٦] وقام الاتفاق على أنه لا غدو ولا عشي في الآخرة، وإنما هما في الدنيا، وقد سلف ذلك، فهم يعرضون بعد مماتهم على النار قبل يوم القيامة، ويوم القيامة يدخلون أشد العذاب. قَالَ تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ}[غافر: ٤٦] فإذا جاز أن يكون المكلف بعد موته معروضًا على النار غدوًّا وعشيًّا، جاز أن يسمع الكلام، ويُمنع الجواب؛ لأن اللذة والعذاب (تجيء بالإحساس)(١)، فإذا كان ذلك وجب اعتقاد رد
(١) خَلْط بالأصل والمثبت من "شرح ابن بطال" ٣/ ٣٥٩.