للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحياة في تلك الأجسام، وسماعهم للكلام، والعقل لا يدفع هذا ولا يوجب حاجة إلى بلل ورطوبة، وإنما يقتضي حاجتها إلى المحل فقط، فإذا صحَّ رد الحياة إلى أجسامهم مع ما هم عليه من نقصِ البنية وتقطيع الأوصال، صحَّ أن يوجد منهم سماع الكلام والعجز عن رد الجواب.

وقد ذكر البخاري في غزوة بدر بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" قَالَ قتادة: أحياهم الله حَتَّى أسمعهم توبيخًا ونقمة وحسرة وندمًا (١). وعلى تأويل قتادة فقهاء الأمة وجماعة أهل السنة، وعلى ذلك تأوله عبد الله بن عمر، وهو راوي الحديث.

قَالَ القاضي: وليس في قول عائشة ما يعارض رواية ابن عمر؛ لأنه يمكن أن يكون قد قَالَ في قتلى بدر القولين جميعًا، ولم تحفظ عائشة إلا أحدهما؛ لأن القولين غير متنافيين أي: ما دُعوا إليه حَتَّى لا يبقى رد الحياة إلى أجسامهم وسماعهم النداء بعد موتهم إذا عادوا أحياء.

وقال الطبري في معنى قوله: "ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يجيبون": اختلف السلف من العلماء في تأويله، فقال جماعة: يكثر تعدادها بعموم الحديث. وقالت: إن الميت يسمع كلام الأحياء، ولذلك قَالَ - صلى الله عليه وسلم - لأهل القليب ما قَالَ. وقال: "ما أنتم بأسمع منهم".

واحتجوا بأحاديث في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الميت "إنه ليسمع قرع نعالهم" (٢) ثم روى أنهم يسمعون كلام الأحياء ويتكلمون عن أبي هريرة. ثم روى عن ابن وهب، عن العطاف بن خالد، عن خالته


(١) برقم (٣٩٧٦) كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل.
(٢) سبق برقم (١٨٣٨) كتاب: الجنائز، باب: الميت يسمع خفق النعال، من حديث أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>