للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محتملًا لأن يكون معناه، فإنك لا تسمع الموتى بقدرتك إذ خالق السمع غيرك، ونظيره {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي العُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} [النمل: ٨١] وذلك بالتوفيق، والهداية بيد الله، فنفى الرب عن نبيه القدرة أن يسمع الموتى إلا بمشيئته، كما في الهداية، وإنما أنت نذير مبلغ ما أرسلت به.

ويحتمل أن يكون المراد: إنَّك لا تُسمع الموتى إسماعًا ينتفعون به؛ لانقطاع أعمالهم وانتقلوا إلى دار الجزاء فلا ينفع الدعاء إذًا؛ لأن الله ختم عليهم أن لا يؤمنوا، وكذا قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي القُبُورِ} يريد: إنك لا تقدر على إسماع من جعله الله أصم عن الهدى، وفي صدر الآية ما يدل على هذا؛ لأنه تعالى قَالَ: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ (١٩)} [فاطر: ١٩]، يعني بالأعمى: الكافر، وبالبصير: المؤمن {وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠)} [فاطر: ٢٠] يعني بالظلمات: الكفر، وبالنور: نور الإيمان {وَلَا الظِّلُّ} [فاطر: ٢١] أي الجبة {وَلَا الحَرُورُ} أي النار. {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ}: العقلاء {وَلَا الأَمْوَاتُ}: الجهال ثم قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} يعني: إنك لا تسمع الجهال الذين كأنهم موتى في القبور، ولم يرد بالموتى الذين ضربهم مثلًا للجهال شهداء بدر المؤمنين فيحتج بهم، أولئك أحياء كما نطق به التنزيل، ولا يعارض ما يثبت في عذاب القبر الآية السالفة {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلَّا المَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان: ٥٦] لأن الله تعالى قد أخبر في كتابه بحياة الشهداء قبل يوم القيامة فقال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} الآية [آل عمران: ١٦٩] ولما كانت حياتهم قبل محشرهم ليست رادة لهذِه الآية كانت حياة المقبورين في قبورهم من قبل محشر الناس ليست رادة لقوله: {لَا يَذُوقُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>