للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تقرر ذَلِكَ فالكلام عليه من أوجه:

أحدها:

كره أكثر العلماء -كما حكاه عنهم ابن بطال- شراء الرجل صدقته لحديث الباب، وهو قول مالك والليث والكوفيين والشافعي (١)، وسواء عندهم صدقة الفرض والتطوع، فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخ بيعه، وأولى به التنزه عنها، وكذلك قولهم فيما يخرجه المكفر في كفارة اليمين مثل الصدقة سواء.

قال ابن المنذر: ورخص في شرائها الحسن، وعكرمة، وربيعة، والأوزاعي، وقال قوم فيما حكاه ابن القصار: لا يجوز لأحد أن يشتري صدقته ويفسخ البيع، ولم يذكر قائل ذَلِكَ ويشبه -كما قال ابن بطال- أن يكونوا أهل الظاهر (٢).

وحكاه ابن التين عن ابن شعبان من المالكية. وخرجه من الخلاف في المدبر أو غيره في زكاته عرضًا؛ لأنه يجزئه عند ابن القاسم، ويجزئه عند أشهب إذا لم يحاب نفسه ما صنع (٣).

وحجة من لم ير الفسخ أن الصدقة راجعة إليه بمعنًى غير معنى الصدقة، كما خرج لحم بريرة، وانتقل عن معنى الصدقة المحرمة على الشارع إلى الهدية المباحة له، وقد قال - عليه السلام - في الحديث السالف فيما مضى: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة" وذكر منهم الرجل اشتراها بماله (٤)، ولم يفرق بين أن يكون المشتري لها صاحبها أو غيره.


(١) انظر: "المدونة" ١/ ٢٦٦، "التمهيد" ٧/ ١١٥، "مختصر المزني" ١/ ٢٥٠، "طرح التثريب" ٤/ ٨٨.
(٢) "شرح ابن بطال" ٣/ ٥٣٧.
(٣) انظر: "المنتقى" ٢/ ١٨١.
(٤) رواه أبو داود (١٦٣٥ - ١٦٣٦) كتاب: الزكاة، باب: من يجوز له أخذ الصدقة =

<<  <  ج: ص:  >  >>