للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث دال على جواز لبسهما عند عدم النعلين مع قطعهما أسفل من الكعبين، ولا خلاف فيه بين جماعة الفقهاء.

وحكي عن عطاء، وأحمد، وقوم من أصحاب الحديث أنه إذا لم يجدهما يلبس الخفين تامين من غير قطع (١).

والحديث حجة عليهم. وهو أمر، ومقتضاه الوجوب. وبالقياس على من وجد النعلين.


(١) انظر: "المغني" ٥/ ١٢٠، "المستوعب" ٤/ ٨٠، "الفروع" ٣/ ٣٧٠، وقال ابن مفلح في "المبدع": لا يلزمه قطع خفه في المنصوص والمختار، عملًا بإطلاق حديثي ابن عباس وجابر، فإنه لم يأمر فيهما بقطع، ولو وجب لبينه، يؤيده أن جماعة من الصحابة عملوا على ذلك، وقال أحمد: قطعهما فساد، واحتج المؤلف وغيره بالنهي عن إضاعة المال، ولأنه ملبوس أبيح لعدم غيره، أشبه السراويل؛ ولأن قطعه لا يخرجه عن حالة الحظر، فإن لبس المقطوع مع القدرة على النعلين كلبس الصحيح. وعنه: إن لم يقطعهما دون كعبيه فدى، وهي قول أكثر العلماء لخبر ابن عمر.
قال في المغني و"الشرح": وهي الأولى، عملًا بالحديث، الصحيح، وخروجًا من الاختلاف وأخذًا بالاحتياط، وأجيب بأن زيادة القطع لم يذكرها جماعة، وروي أنها من قول ابن عمر، ولو سلم صحة رفعها، فهي بالمدينة، وخبر ابن عباس بعرفات، فلو كان القطع واجبًا لبينه للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كلامه في المسجد في موضع البيان ووقت الحاجة فلزم أن يكون الإطلاق ناسخًا للتقييد دفعًا لمحذور تأخير البيان عن وقت الحاجة، وحكى في "المغني" عن الخطابي أنه قال: العجب من أحمد في هذا، أي في قوله بعدم القطع، قال: فإنه لم يخالف سنة تبلغه، وقل سنة لم تبلغه، وفيه شيء، فإن أحمد لم يخالف السنة، ولم تخف عليه، قال المروزي: احتججت على أبي عبد الله بحديث ابن عمر وقلت: هو زيادة في الخبر، فقال: هذا حديث، وذاك حديث، فقد اطلع رضي الله عنه على السنة، وإنما نظر المتجرين الذين أمدهم الله بعونه، مع أن خبرنا فيه زيادة حكم، وهو جواز اللبس بلا قطع؛ لأن هذا الحكم لم يشرع بالسنة، قاله الشيخ تقي الدين، وهو أحسن من ادعاء النسخ. "المبدع" ٣/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>