قالا: ولم يكن حول البيت حائط إنما كانوا يصلّون حول البيت حتى كان عمر، فبنى حوله حائطًا جدره قصير، فبناه ابن الزبير؛ ولذلك كان الطواف قبل تحجير عمر حول البيت الذي قصرته قريش عن القواعد، كما قال تعالى:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}[البقرة: ١٢٥] والطواف فرضه البيت المبني، ولو كان ذراعًا منه، وقد حج الناس من زمن الشارع إلى زمن عمر فلم يأمر أحدًا بالرجوع من بلده إلى استكمال البيت. وقد قال مالك: من حلف أن لا يدخل دار فلان فهدمت فدخلها أنه لا يحنث. فهذا دال أنَّ الدار والبيت إنما يختص بالبنيان لا بالبقعة.
قال المهلب: ومعنى ما سلف أنه لم يكن حول البيت حائط أي حائط يحجز الحجر من سائر المسجد، حتى حجزه عمر بالبنيان، ولم يبنه على الجدر الذي كان علامة للناس، بل زاد ووسع قطعًا للشك أنَّ الجدر على آخر قواعد إبراهيم، فلمَّا لم يكن عند عمر أن ذلك الجدر هو آخر قواعد إبراهيم التي رفعها إبراهيم وإسماعيل على يقين ونقلٍ كافة، مع معرفته أن قريشًا كانت قد هدمت البيت وبنته على غير القواعد، خشي أن يكون الجدر من بنيان قريش القديم، فزاد في الفسحة استبراءً للشك، ووسع الحجر حتى صار الجدر في داخل الحجر.
وقد بان هذا في حديث جرير، وهو قوله:(فحزرت من الحجر ستة أذرع أو نحوها)، والحائط الذي بناه عمر حول الحجر ليس بحائط مرتفع، هو من ناحية الحجر نحو ذراعين، ومن الجرف خارجه نحو أربعة أذرع إلى صدر الواقف من خارجه، ولم يكن الجدر الذي ظهر من الأساس مرتفعًا، إنما كان علامة كالنجم والهدف لا بنيانا. والحجة لمالك ومنْ تبعه كما سلف، وإخبار الشارع أن البيت قصر به