الحرام، فدل ذلك كله على أنَّ الذي كان المشركون يفعلونه هو التملك عن المسجد الحرام، وادعاؤهم أنهم أربابه وولاته، وأنهم يمنعون منه من أرادوا ظلمًا، وأنَّ الناس كلهم فيه سواء، فأمَّا المنازل والدور فلم تزل لأهل مكة غير أنَّ المواساة تجب عند الضرورة، ولعل عمر فعل هذا على سبيل المواساة عندها. ومناظرة الشافعي مع إسحاق بن راهويه في ذلك مشهور.
واعلم أنَّ الروياني في "بحره" قال في باب بيع الكلاب: لا يكره بيع شيء من الملك المطلق إلَّا أرض مكة، فإنه يكره بيعها وإجارتها للخلاف. وتورع فيه، واستغربت الكراهة، والأحسن أن يقال خلاف الأولى؛ لأن المكروه ما ثبت فيه نهي مقصود، ولم يثبت في هذا شيء، والحصر المذكور غير صحيح، فإنَّ بيع المصحف مكروه خلافًا له، وكذا الشطرنج.
قال الروياني وغيره: ومحل الخلاف بين العلماء في بيع دور مكة وغيرها من الحرم، وهو في بيع نفس الأرض، وأمَّا البناء فهو مملوك، فيجوز بيعه بلا خلاف.
الثالث:
قال ابن أبي صفرة: هذا الحديث حجة في أن من خرج من بلده مسلمًا وبقي أهله وولده في دار الكفر، ثم غزا مع المسلمين بلده، أنَّ أهله وماله وولده على حكم البلد، كما كانت دار النبي - صلى الله عليه وسلم - على حكم البلد، ولم ير - عليه السلام - نفسه أحق بها. وهذا قول مالك والليث، وقد سلف.
وقال أشهب: ليس بفيء. وقيل: إن ضمه إليهم أهل الحرب ففيء