للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن المنير: دخول هذا الحديث تحت ما ترجم له؛ ليبين أن الأمر المذكور مخصوص بالزمن الذي شاء الله فيه بالأمان، وأنه إذا شاء الله رفعه عند خروج ذي السويقتين، ثم إذا شاء أعاده بعد (١).

وقال ابن بطال: حديث أبي هريرة مبين لقوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا} [البقرة: ١٢٦] أي: غير وقت تخريبه؛ لأنَّ ذلك لا يكون إلَّا باستباحة حرمتها. وتغلبه عليها، ثم تعود حرمتها ويعود الحج كما أخبر خليله إبراهيم فقال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: ٢٧] فهذا شرط الله -عز وجل- لا ينخرم ولا يحول، وإن كان في خلاله وقت يكون فيه خوف فلا يدوم، ولا بدَّ من ارتفاعه، ورجوع حرمتها وأمنها وحج العباد إليها، كما كان إجابة لدعوة خليله - عليه السلام -، يدل عليه حديث أبي سعيد في الكتاب.

وعلى ذلك لا تضاد، ولو صح ما ذكره قتادة: لا يحج البيت، لكان ذلك وقتًا من الدهر، ويحتمل أنْ يكون ذلك وقت تخريبها بدليل حديث أبي سعيد (٢).

وقال ابن التين: قيل: هذا ليس باختلاف قد ينقطع ثم يعود، قال: وفي حديث آخر: "لا تزول مكة حتى تزول أخشباها" يعني: جبليها، أي: لا يزول الحج، ومعنى خرابه له في وقت يدعه الله إلى ذلك، ابتلاءً منه شقوة له وليسود وجهه، وليعلم من يرتاب من ذلك، ولعله هو الذي يخسف بجيشه، وكأنه مفهوم البخاري فيما ترجمه بعد من


(١) "المتواري" ص ١٣٧.
(٢) "شرح ابن بطال" ٤/ ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>