للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قَالَ الفاروق في "الموطأ": يا أهل مكة، ما بال الناس يأتون شعثًا وأنتم مدَّهِنُون، أهلوا إذا رأيتم الهلال. وأقام ابن الزبير بمكة تسع سنين. يهل بهلال ذي الحجة. وعروة أخوه معه يفعل ذَلِكَ (١)، وفعل ذَلِكَ بحضرة الصحابة والتابعين، ولم ينكر ولا يداوم إلا عَلَى الأفضل.

وعلى هذا أمر جمهور الصحابة، ولذلك قَالَ عبيد لابن عمر: أهل الناس ولم تهل أنت، حَتَّى يوم التروية) (٢) فيفعل ذَلِكَ من بمكة، ليستدرك ما فاته من شقة المسافة، والمراد بالانبعاث سلف.

قَالَ ابن التين: وتأوله بعض أصحابنا عَلَى معنى تنبعث به أي: من الأرض للقيام.

وفي رواية عبد الله بن إدريس: في هذا الحديث في "الموطأ": حَتَّى تستوي به، وأكثر الرواة عَلَى خلافه. وقال المهلب: من أنشا الحج من مكة فله أن يهل من بيته، ومن المسجد الحرام، أو من البطحاء، وهي طرف من مكة، ومن حيث أحب مما دون عرفة، ذَلِكَ كله واسع؛ لأن ميقات أهل مكة منها، وليس عليه أن يخرج إلى الحل؛ لأنه خارج في حجته إلى عرفة؛ فيحصل له بذلك الجمع بين الحل والحرم، وهو بخلاف منشأ العمرة من مكة، وقد سلف في بابه، ويستحب للمكي والمتمتع إذا أنشأ الحج من مكة أن يهلا من حيث أهل ابن عمر من البطحاء، وكذلك قَالَ جابر. قَالَ غيره: وأما وجه احتجاج ابن عمر


(١) "الموطأ" ١/ ٤٢٩ (١٠٨٣ - ١٠٨٤) كتاب: المناسك، باب: إهلال أهل مكة ومن كان بها من غيرها.
(٢) "المنتقى" ٢/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>