للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بإهلاله - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة وهو غير مكي، عَلَى من أنشأ الحج من مكة، أنه يجب أن يهل يوم التروية، وهي في قصة أخرى، فوجهه [أنه]- صلى الله عليه وسلم - أهل من ميقاته، في حين ابتدائه في عمل حجته، واتصل به عمله، ولم يكن بينهما مكث ينقطع به العمل؛ فكذلك المكي لا يهل إلا يوم التروية، الذي هو أول عمله للحج؛ ليتصل له عمله، تأسِّيًا به في ذَلِكَ، وقد تابع ابن عمر عَلَى ذَلِكَ ابن عباس قَالَ: لا يهل أحد من مكة بالحج حَتَّى يريد الرواح إلى منى، وبه قَالَ عطاء (١). واحتج بأن الصحابة إذ دخلوا في حجتهم معه - صلى الله عليه وسلم - أهلوا عشية التروية حين توجهوا إلى منى.

وأما قول عبيد لابن عمر: إن أهل مكة يهلون إذا رأوا الهلال، فهو مذهب عمر وابن الزبير. وروى مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن عمر قَالَ: يا أهل مكة، إلى آخر ما سلف، فهو عَلَى وجه الاستحباب؛ لأن الإهلال إنما يجب عَلَى من اتصل عمله، وليس من السنة أن يقيم المحرم في أهله.

وقد روى ابن عمر ما يوافق مذهب عمر. ذكر مالك في "الموطأ" أن ابن عمر كان يهل بهلال ذي الحجة، ويؤخر الطواف بالبيت والسعي حَتَّى يرجع من منى (٢).

وقال نافع: أهل ابن عمر مرة بالحج حين رأى الهلال، ومرة أخرى بعد الهلال من جوف الكعبة، ومرة أخرى حين راح إلى منى (٣).


(١) ذكرهما ابن عبد البر في "التمهيد" ٢١/ ٨٨ وعزاهما لعبد الرزاق.
(٢) "الموطأ" ١/ ٤٢٩ - ٤٣٠ (١٠٨٦).
(٣) ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" ٢١/ ٩٠ وعزاه لعبد الرزاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>