للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: ردٌّ لما كرهه مالك أن يسمي طواف الإفاضة طواف الزيارة؛ لأن الرجل قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زرت قبل أن أرمي فلم ينكر عليه (١).

واختلفوا فيمن أفاض قبل أن يحلق بعد الرمي، فقال ابن عمر: يرجع فيحلق أو يقصر ثم يرجع إلى البيت فيفيض (٢). وقالت طائفة: تجزئه الإفاضة ويحلق أو يقصر ولا شيء عليه. هذا قول عطاء، ومالك، والشافعي، وسائر الفقهاء (٣)، وقال مالك في "الموطأ": أحب إليَّ أن يهريق دمًا لحديث ابن عباس (٤)، وأما إذا ذبح قبل أن يرمي فقال مالك وجماعة من العلماء: لا شيء عليه؛ ولأن ذَلِكَ نص في الحديث والهدي قد بلغ محله وذلك يوم النحر كما لو نحر المعتمر بمكة هديًا ساقه قبل أن يطوف لعمرته:

واختلفوا إذا قدم الحلق على الرمي، فقال مالك، وأبو حنيفة: عليه الفدية؛ لأنه حرام أن يمس من شعره شيئًا أو يلبس أو يمس طيبًا حَتَّى يرمي جمرة العقبة (٥).

وقد حكم الشارع على من حلق رأسه قبل محله من ضرورة بالفدية فكيف من غير ضرورة، وجوزه الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور،


(١) قال القرافي: "وكره مالك تسميته طواف الزيارة، وقولهم: زرنا قبر النبي - عليه السلام - تعظيمًا له - عليه السلام -؛ لأن العادة أن الزائر متفضل على المزور، ولا يحسن أن يقال: زرنا السلطان، لما فيه من إيهام المكافأة والمماثلة"، "الذخيرة" ٣/ ٢٧٠.
(٢) رواه مالك في "الموطأ" ١/ ٥٣٩ (١٣٩٩) كتاب: المناسك، باب: التقصير.
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٣٦، "المبسوط" ٤/ ٤٢، "المجموع" ٨/ ١٩٠، "الفروع" ٣/ ٥١٤.
(٤) "الموطأ" ١/ ٥٣٩ (١٤٠٠).
(٥) انظر: "بدائع الصنائع" ٢/ ١٥٨، "تبيين الحقائق" ٢/ ٦٢، "الاستذكار" ١٣/ ٣٢٢، "المنتقى" ٣/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>