للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وداود، والطبري، وهو قول الحسن، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة (١)، واحتجوا بقوله - عليه السلام - في التقديم والتأخير: "لا حرج" وسيأتي الكلام في رمي جمرة العقبة بعدما أمسى قريبًا (٢).

وتأول الكوفيون في وجوب الدم فيمن قدم شيئًا من نسكه أن معنى "لا حرج" لا إثم؛ لأنه كان يعلمهم، وكانوا لا علم لهم بمناسكهم. فأخبر أن لا حرج بجهلهم لا لغير ذَلِكَ؛ لأنهم كانوا أعرابًا لا على أنه أباح لهم التقديم والتأخير في العمد.

وهذا ابن عباس يوجب على من قدم من نسكه شيئًا أو آخره الدم، وهو أحد رواة الحديث فلم يكن معنى ذَلِكَ عنده على الإباحة. لكن قال أبو عمر: لا يصح عنه (٣).

وذهب عطاء إلى أن معنى قوله: "لَا حَرَجَ" على العموم لا شيء على فاعل ذَلِكَ من إثم ولا فدية؛ بيانه أنه لم يسقط الحرج عنه إلا وقد أجزأه فعله، ولو لم يكن عنده مجزئًا لأمره بالإعادة أو بفدية، ولم يقل له: لا حرج؛ لأن الفدية إنما تلزم للحرج الذي يأتيه، (فعلم بذلك) (٤) أنه من قدم شيئًا من نسكه فدخل وقته قبل شيء منه أو آخره أنه لا يلزمه شيء، فإن ظن ظان أن في قول الرجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نحرتُ قبل أن أرمي، ولم أشعر)، دلالة على أنه لا يجوز ذَلِكَ للعامد، وأن عليه القضاء إن كان مما يقضى، أو الفدية إن كان مما لا يقضى فقد وهم؛ لأن الجاهل والناسي لا يضع عنهما جهله ونسيانه حكم المتعمد في موضع مناسك الحج غير مواضعها، وإنما يضع الإثم؛


(١) انظر: "البيان" ٤/ ٣٤٣، "المجموع" ٨/ ١٩٤، "المغني" ٥/ ٣٢٠، "الفروع" ٣/ ٥١٥.
(٢) سيأتي برقم (١٧٣٤ - ١٧٣٥).
(٣) "التمهيد" ٧/ ٢٧٧.
(٤) في (ج): يعلم ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>