للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (إنها داخل الحرم). وقال الشافعي: إنها خارج الحرم (١)، وجمع ابن بطال بينهما فقال: كلا القولين له وجه، وذلك أن الحديبية في أول الحرم وهو موضع بروك ناقته - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها إنما بركت في أول الحرم، وقال - عليه السلام -: "حبسها حابس الفيل" (٢)، وصاحب الفيل لم يدخل الحرم فمن قال: إن الحديبية خارجه، فيمكن أن يريد البئر وموضع بروك ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن قال: إنها في الحرم، يريد موضع حلاقهم ونحرهم (٣).

ووجه إيراد حديث ابن عمر في الباب وليس في لفظه ما يدل على الترجمة؛ لأن البخاري استغنى بشهرة قصة صده - عليه السلام - بالحديبية وأنهم لم يؤمروا بالقضاء في ذَلِكَ؛ لأنها لم تكن حجة الفريضة، وإنما كانوا محرمين بعمرة، وعقب البخاري كلام مالك بحديث ابن عمر للتنبيه على أنه أخذه منه.

إذا تقرر ذَلِكَ: فقد اختلف السلف في هذا الباب:

فذهب ابن عباس إلى أن المحرم لا بدل عليه ولا شيء؟ ذكره عنه عبد الرزاق، وقال: لا حصر إلا من حبسه عدو، فيحل بعمرة وليس عليه حج قابل ولا عمرة (٤)، فإن حبس وكان معه هدي بعث به ولم يحل حَتَّى ينحر الهدي، وإن لم يكن معه هدي حل مكانه، وهذا خلاف ما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في


(١) "المجموع" ٨/ ٣١٩.
(٢) سيأتي برقم (٢٧٣١ - ٢٧٣٢) كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد.
(٣) "شرح ابن بطال" ٤/ ٤٦٩.
(٤) روى الطبري في "تفسيره" ٢/ ٢٣٣ (٣٣١٥) قال: حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس .. قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>