للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ ها هنا أمران:

أحدهما: وهو الثامن بعد الخمسين: الأصل تقديم حرف العطف عَلَى الهمزة كغيرها من أدوات الاستفهام، كما نبه عليه ابن مالك نحو: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: ١٠١]، {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ)} [النساء: ٨٨]، {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ} [الأنعام: ٨١]، {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [الأنعام: ٩٥]، فالأصل أن يجاء بالهمزة بعد العاطف كهذا المثل، وهي معطوفة عَلَى ما قبلها من الجمل ومثله: فأتطمعون لأن همزة الاستفهام جزء من جملة الاستفهام فيقال: (وأمخرجي) (١) والعاطف لا يتقدم عليه جزء مما عطف، لكن خصت الهمزة بتقدمها عَلَى حرف العطف؛ تنبيهًا عَلَى أنها أصل أدوات الاستفهام؛ لأن الاستفهام لَهُ صدر الكلام، فقال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ} [البقرة: ٧٥]، {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٠٠]، {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} [يونس: ٥١].

وقال الزمخشري (٢): بين الهمزة وحرف العطف جملة محذوفة ومعطوف عليها بالعاطف ما بعده تقديره: أكفروا بالآيات البينات، وكلما عاهدوا؟ وكذلك يقدر بقية المثل ما يحسن فيها، وفيه من التكلف ومخالفة الأصول ما لا يخفى كما نبه عليه ابن مالك (٣).


(١) في الأصل: وأومخرجي، والمثبت هو المناسب للسياق.
(٢) هو العلامة، كبير المعتزلة، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي، صاحب "الكشاف" و"المفصل" كان رأسًا في البلاغة والعربية والمعاني والبيان، وله نظم جيد، وكان داعية إلى الاعتزال -الله يسامحه- توفي سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. انظر ترجمته في: "المنتظم" ١٠/ ١١٢، "وفيات الأعيان" ٥/ ١٦٨، "سير أعلام النبلاء" ٢٠/ ١٥١ (٩١)، "شذرات الذهب" ٤/ ١١٨.
(٣) "شواهد التوضيح" ص ١٠ - ١٢.