للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانت بها تربة المدينة أفضل الترب كما هو أفضل البشر؛ فلهذا -والله أعلم- يتضاعف ريح الطيب فيها على سائر البلاد.

وقوله: ("طيبها") هو بضم الباء، وهو الصحيح، وروي فتحها (١).

قال ابن التين: والصواب الأول؛ لأن الطيب هو الذي ينصع -أي: يخلص ويصفو- ومنه: أبيض ناصع. وينصع -بالنون- قال القزاز: لم أجد له في الطيب وجهًا، وإنما الكلام يتضوع طيبها أي: يفوح، قال: ويروى: ينضخ، بضاد وخاء معجمتين، قال: ويروى بحاء مهملة، وهو أقل من النضخ. قلت: الرواية "طيبها" بتشديد المثناة تحت، ونصع الشيء: خلص، وخشب ناصع: خالص، وحق ناصع: واضح، والناصع من الجيش: القوم الذين لا يخالطهم غيرهم، فنصع الطيب من هذا، وقال أبو موسى: ويقال أيضًا أنصع: أظهر ما في نفسه وبرز لونه. وضبطه الزمخشري في "فائقه": بمثناة تحت مضمومة، ثم باء موحدة، ثم ضاد معجمة (٢). فرشقه الصغاني فقال:


= التي ولد منها، فإذا رد إلى أرذل العمر رد إلى تربته التي خلق منها حتى يدفن فيها، وأنا وأبو بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة وفيها ندفن".
وأما حديث عبد الله بن سوار فرواه أحمد في "فضائل الصحابة" ١/ ٤٤٤ - ٤٤٢ (٥٢٨): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بقبر يحفر، فقال: قبر من هذا؟ قالوا: قبر فلان الحبشي، قال: يا سبحان الله سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها، ....
وأما حديث ابن عباس فرواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٥١٥ - ٥١٦ (٦٥٣١)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" ٣/ ١٨٠ عن ابن عباس قال: يدفن كل إنسان في التربة التي خلق منها. هكذا موقوفًا. والأحاديث الثلاثة هذِه لا تخلو أسانيدها من مقال، لكن الحديث صح عن أبي سعيد وابن عمر، انظر: "الصحيحة" (١٨٥٨).
وورد بهامش الأصل هنا: هو في "المستدرك".
(١) عند الحموي والمستملي وأبي ذر الهروي. انظر اليونينية ٣/ ٢٢.
(٢) "الفائق" ٣/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>