للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موته وقبره فيها، وكان مما استدل به على فضلها أن الله تعالى لما اختارها لنبيه علم أنه لم يختر له إلا أفضل البقاع.

وقد جاء أن ابن آدم إنما يدفن في التربة التي خلق منها، وقد سلف ذلك (١).

الثالث:

حديث عائشة ووعك أبي بكر وبلال وإنشادهما في ذلك، فإن الله تعالى لما ابتلى نبيه بالهجرة وفراق الوطن ابتلى أصحابه بما يكرهون من الأمراض التي تؤلمهم، فتكلم كل إنسان حسب علمه ويقينه بعواقب الأمور فتعزى الصديق عند أخذ الحمى له بما ينزل به من الموت في صباحه ومسائه، ورأى أن ذلك شامل للخلق، فلذلك قال:

كل امرئ مصبح في أهله

يعني: تصبحه الآفات وتمسيه وأما بلال فإنه تمنى الرجوع إلى مكة وطنه الذي اعتاده ودامت فيه صحته، فبان فضل الصديق وعلمه بسرعة فناء الدنيا حتى مثل الموت بشراك نعله، فلما رأى - عليه السلام - وما نزل بأصحابه من الحمى والوباء خشي منهم كراهية البلد؛ لما في النفوس من استثقال ما تكرهه، فدعا ربه تعالى في رفع الوباء عنهم، وأن يحبب إليهم المدينة كحبهم مكة أو أشد، فدل ذلك أن أسباب التحبيب والتكرمة بيد الله تعالى وهبة منه يهبها لمن يشاء، وفي هذا حجة واضحة على من كذب بالقدر إذ الذي ملك النفوس فيحبب إليها ما أحب ويكره إليها


(١) تقدم تخريجه باستفاضة في حديث (١٨٧١) عن أبي سعيد الخدري وابن عمر، وعنهما صححه الألباني في "الصحيحة" (١٨٥٨) وتقدم تكملة تخريجه عن ابن مسعود وعبد الله سوار وابن عباس موقوفًا، في حديث (١٨٨٣) ولكنها طرق ضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>