للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما أكره هو الرب جل جلاله، فأجاب الله دعوة نبيه، فأحبوها حبا دام في نفوسهم حتى ماتوا عليه، وفيه رد على الصوفية إذ قالوا: إن الولي لا تتم ولايته إلا إذا تم له الرضى بجميع ما نزل به، ولا يدعو الله في كشف ذلك عنه، فإن دعا فليس في الولاية كاملًا. وقد أزروا في قولهم هذا بنبيه وأصحابه، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل به شيء يكثر عليه الرقى والدعاء في كشفه (١).

وفيه: أن الله تعالى أباح للمؤمن أن يسأل ربه صحة جسمه، وذهاب الآفات عنه إذا نزلت به، كسؤاله إياه في الرزق والنصر، وليس في دعاء المؤمن ورغبته في ذلك إلى الله لوم ولا قدح في دينه، وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا "وقوتي في سبيلك" (٢).


(١) من ذلك ما سلف برقم (٢٤٠)، ورواه مسلم (١٧٩٤) عن عبد الله بن مسعود، في قصة وضع كفار قريش سلى الجزور على ظهره الشريف - صلى الله عليه وسلم -، الحديث، وفيه: فرفع - صلى الله عليه وسلم - رأسه ثم قال: "اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة .. " الحديث.
ومن ذلك أيضًا ما روا مسلم (١٧٦٣) عن عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين .. الحديث، وفيه: فجعل يهتف بربه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتِ ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذا العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض"، فما زال يهتف بربه، مادًّا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبه .. الحديث.
ومن ذلك أيضًا ما سلف برقم (١٠٠٣) عن أنس قال: قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا يدعو على رعل وذكوان، ومن ذلك أيضا ما سلف برقم (٩٣٣)، وغير ذلك مما لا ينفسح المجال لذكره، فهي مسألة تستحق أن تفرد بالبحث أو التأليف.
(٢) روى مالك في "الموطأ" ص ١٤٩ عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو فيقول: "اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنًا والشمس والقمر حسبانًا، اقض عني الدين وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي، وبصري، وقوتي في سبيلك".
ورواه ابن أبي شيبة ٦/ ٢٥ (٢٩١٨٤) عن أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، =

<<  <  ج: ص:  >  >>