للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوجدت فيه: "أتدرون من المفلس؟ " ثم قَالَ: "المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام" الحديث (١).

وقال آخرون: إنما خص الصوم بأن يكون هو الذي يتولى جزاءه؛ لأن الصوم لا يظهر من ابن آدم بلسان ولا فعل فتكتبه الحفظة، إنما هو نية في القلب، وإمساك عن المطعم والمشرب فيقول: أنا أتولى جزاءه عَلَى ما أحب من التضعيف، وليس على كتاب كتب. وهذا القول ذكره الداودي، وصوب الطبري الأول، وأبعدَ مَنْ قَالَ: إن معناه لم يتعبد به غير الله، فلم يعظم الكفار في عصرٍ من الأعصار معبودًا لهم بالصيام، وإن كانوا يعظمونه بصورة السجود والصدقة وشبهها.

وقد حكى المسعودي وغيره أن جماعة من الملاحدة وغيرهم يعبدوا المشترى وزحل والزهرة به، وكذا قول من قَالَ: إنه ليس للصائم ونفسه فيها حظ. حكاه الخطابي (٢)؛ لأن غيره من العبادات كذلك، وكذا قول من قَالَ: لأن الاستغناء عن الطعام من صفة الرب، وإن كانت صفات الله لا يشبهها شيء.

وأما معنى قوله: "وَأَنَا أَجْزِي بِهِ" فأنا المتفرد بجزائه عَلَى عمله ذَلِكَ لي، بما لا يعلم عنه مبلغه غيري، إذ كان غير الصيام من أعمال الطاعة قد علم غيري بإعلامي إياه أن الحسنة فيه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وقد روى يحيى بن بكير عن مالك في هذا الحديث بعد قوله: "الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا" فقال: "كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به".


(١) "المفهم" ٣/ ٢١٢. والحديث رواه مسلم (٢٥٨١) كتاب: البر والصله، باب: تحريم الظلم. من حديث أبي هريرة.
(٢) "أعلام الحديث" ٢/ ٩٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>