للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الطحاوي، ولم يذكر حديث أبي بكر ولا علي، ولا فعل أبي هريرة وابن مسعود: حديث حذيفة يدل عَلَى أن وقت الصيام طلوع الشمس، وأن ما قبل طلوع الشمس في حكم الليل (١).

وهذا يحتمل عندنا أن يكون بعدما أنزل الله {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} قبل أن ينزل {مِنَ الفَجْرِ} عَلَى ما في حديث سهل، وذهب علم ذَلِكَ عن حذيفة وعلمه غيره، فعمل حذيفة بما علم ولم يعلم الناسخ فصار إليه، ومن علم شيئًا أولى ممن لم يعلم.

وقال ابن قدامة: {الخَيْطُ الأَبْيَضُ} هو: الصباح، وأن السحور

لا يكون إلا قبل الفجر، قَالَ: وذلك إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش وحده، وقد شذَّ، ولم يعرج أحد عَلَى قوله، قال والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى الغروب، هذا قول جماعة المسلمين (٢).

وقال الطبري: الصوم إنما هو في النهار، والنهار عندهم من طلوع الشمس وآخره غروبها (٣)، هذا ليس بصحيح منه كما نبه عليه القرطبي (٤)؛ لأن الله تعالى أمر بصوم ما يقال عليه يوم لا ما يقال عليه نهار، وكأنه لم يسمع قوله تعالى: {أَيَّامًا مَّعدُوَدَاتٍ} [البقرة: ١٨٤].

واحتج أصحاب مالك للقول الأول فقالوا: الصائم يلزمه اعتراف طرفي النهار، وذلك لا يكون إلا بتقديم شيء وإن قلَّ من السحر، وأخذ شيء من الليل؛ لأن عليه أن يدخل في إمساك أول جزء من اليوم بيقين، كما عليه أن يدخل في أول رمضان بيقين، والأكل مناف


(١) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٥٢.
(٢) "المغني" ٤/ ٣٢٥.
(٣) "تفسير الطبري" ٢/ ١٨٠ - ١٨١.
(٤) "تفسير القرطبي" ٢/ ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>