للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والله قد رخص في الفطر، ويصححه صوم الشارع في شدة الحر وحاشاه من الإثم، فالمعنى: ليس هذا أثر البر؛ لأنه قد يكون الإفطار أبر منه، إذا كان في حج أو جهاد ليقوى عليه؛ وهذا لقوله - عليه السلام -: "ليس المسكين بالطوَّاف الذي ترده التمرة والتمرتان" (١)، ومعلوم أن الطواف مسكين، وأنه من أهل الصدقة، وإنما أراد المسكين الشديد المسكنة الذي لا يسأل ولا يُتصدق عليه، وقال بعضهم: معناه: ليس من البر الواجب، وإنما يحتاج إلى هذا من قطع الحديث عن سببه وحمله على عمومه، وأما من حمله على القاعدة الشرعية في رفع ما لا يطاق عن هذِه الأمة، وبأن للمريض المقيم ومن أجهده الصوم أن يفطر، فإن خاف من صومه محذورًا عصى بصومه وعليه يحمل قوله - عليه السلام -: "أولئك العصاة"، وأما من حاله غير حال المظلل عليه فحكمه ما سلف من التخيير، وبهذا يرتفع التعارض وتجتمع الأدلة ولا تحتاج إلى فرض نسخ إذ لا تعارض.

وقال القاضي أبو محمد: لفظه يحتمل الفضيلة ويحتمل أن يراد به ما هو شرط في إجزاء الفعل فيتوقف إلى البيان، وقد أسلفنا أنه خرج على سبب والفطر رخصة فيأخذ منه، ومن أشد ما يوردونه حديث "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر"، وقد سلف ضعفه (٢).

وقال القاضي أبو محمد: هو موقوف عند أهل النقل.


(١) سلف هذا الحديث في كتاب: الزكاة، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (١٤٧٦، ١٤٧٩).
ورواه مسلم (١٠٣٩) كتاب: الزكاة، باب: المسكين لا يجد غنى ولا يفطن له فيتصدق عليه.
(٢) تقدم تخريجه باستيفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>