وقوله:"إذا أقبل الليل من ها هنا" إلى آخر الأمور الثلاثة، وإذا وجد واحد منها وجد الباقي وجمعت في الذكر؛ لأن الناظر قد لا يرى الغروب لحائل، ويرى ظلمة الليل في المشرق، وقد قام الإجماع على أنه إذا غربت الشمس حل فطر الصائم، وذلك آخر النهار وأول أوقات الليل.
ومعنى "أفطر": أي حُكمًا، أو دخل فيه كأنجد وأتهم إذا دخلهما، وعلى هذا لا يكون فيه تعرض للوصال بنفي، ولا إثبات، وعلى الحكمي فيه أن زمن الليل يستحيل فيه الصيام شرعًا ويخرج على ذَلِكَ خلاف العلماء في صحة إمساك ما بعد الغروب فمنهم من قال: لا يصح وهو كيوم الفطر ومنع الوصال، وقال: لا يصح ومنهم من جوز إمساك ذَلِكَ الوقت، ورأى أن له أجر الصائم محتجًّا بأحاديث الوصال إلى الفجر.
وقال الطبري: قوله: "فقد أفطر" هو عزم عليه أن يكون معتقد أنه مفطر وإن كان وقت صومه قد انقضى غير عزم عليه أن يأكل أو يشرب، قال: والدليل عليه إجماع الجميع من أهل العلم أن المراد قد يكون مفطرًا بتركه العزم على الصوم من الليل مع تركه نية الصوم نهاره أجمع وإن لم يأكل ولم يشرب وكان معلومًا بذلك أن اعتقاد المعتقد بعد انقضاء وقت الصوم الإفطار وترك الصوم وإن لم يفعل شيئًا مما أبيح للمفطر فعله موجب له اسم المفطر، وإذا كان ذلك كذلك وكان الجميع مجمعين على أن الأكل والشرب غير فرض على الصائم في ذَلِكَ الوقت مع إجماعهم أن وقت الصوم قد انقضى لمجيء الليل وإدبار النهار كان بيّنًا أن معنى أمره بالإفطار في تلك الحال إنما هو أمر عزم منه كما قلناه، وأما وصاله - عليه السلام - من السَّحر