للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لأصومن عاشوراء يوم التاسع" إخبار منه بكون ذَلِكَ اليوم يوم عاشوراء.

وقوله: "لأصومن التاسع" يحتمل لأصومه مع العاشر لئلا أقصد بصومي إلى يوم عاشوراء بعينه كما تفعل اليهود، لكني أخلطه بغيره فأكون قد صمته بخلاف ما يصومه اليهود، وقد روي عن ابن عباس ما دل على هذا المعنى، روى ابن جريج، عن عطاء عنه صرف تأويل قوله: "لأصومن التاسع" إلى ما قلناه (١)، وقد جاء ذَلِكَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روى ابن أبي ليلى عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صوم يوم عاشوراء: "صوموه وصوموا قبله يومًا أو بعده ولا تشبهوا باليهود" (٢)، فثبت بهذا أنه - عليه السلام - أراد بالتاسع أن يدخل صوم يوم عاشوراء في غيره من الصيام، حَتَّى لا يكون مقصودًا بعينه، كما جاء عنه في صيام يوم الجمعة، كما سلف في حديث جويرية وغيرها (٣).

ووجه كراهية إفراد هذِه الأيام بالصيام التفرقة بين شهر رمضان وسائر ما يصوم الناس غيره؛ لأنه مقصود بعينه فرضًا وغيره ليس كذلك (٤). وبهذا كان يأخذ ابن عمر وكان لا يصوم عاشوراء إلا أن


(١) رواه عبد الرزاق ٤/ ٢٨٧ (٧٨٣٩)، والطحاوي ٢/ ٧٨، وابن عبد البر في "التمهيد" ٧/ ٢١٣.
(٢) رواه أحمد ١/ ٢٤١، والبزار كما في "كشف الأستار" (١٠٥٢) وابن خزيمة ٣/ ٢٩٠ - ٢٩١ (٢٠٩٥)، والطحاوي ٢/ ٧٨، والبيهقي ٤/ ٢٨٧.
قال الهيثمي: ٣/ ١٨٨: فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام، وقال الألباني في تعليقه على "صحيح ابن خزيمة": إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى.
(٣) سلف برقم (١٩٨٦).
(٤) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٧٨ - ٧٩ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>