للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنبيهات وفوائد:

الأول: قوله في حديث ابن عمر: ("فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر من رمضان ") يريد في ذَلِكَ العام الذي تواطأت فيه الرؤيا على ذَلِكَ وهي ليلة ثلاث وعشرين: لأنه قال في حديث أبي سعيد: "التمسوها في العشر الأواخر في الوتر فمطرنا ليلة إحدى وعشرين". وكانت ليلة القدر في ذَلِكَ العام في غير السبع الأواخر ولا تتضاد الأخبار.

وفي حديث أبي سعيد زيادة معنى أنها تكون في الوتر، وحديث عبد الله بن أنيس السالف دال أنها ليلة ثلاث وعشرين أيضًا (١)، فقال رجل: هذا أول ثمان فقال: "بل أول سبع: لأن الشهر لا يتم" (٢)، فثبت بهذا أنها في السبع الأواخر، وأنه قصد ليلة ثلاثٍ وعشرين؛ لأن ذلك الشهر كان ناقصًا، فدل هذا أنها قد تكون في غيرها من السنين بخلاف ذَلِكَ.

ثانيها: من ذهب إلى قول ابن مسعود وتأول منه أنها في سائر السنة، فلا دليل له إلا الظن من دوران الزمان بالزيادة والنقصان في الأهلة، وذلك فاسد؛ لأنه محال أن يكون تعليقها بليلة في غير شهر رمضان، كما لم يعلق صيامه بأيام معلومة تدور في العام كله بالزيادة والنقصان فرب الأهلة، فيكون صوم رمضان في غيره، فكذلك لا يجب أن تكون ليلة القدر في غير رمضان، وفي القرآن ما يدل على أنها في رمضان خاصة، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} الآية [الدخان: ٣].

فأخبر أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر، وهي


(١) رواه مسلم (١١٦٨).
(٢) رواه أحمد ٣/ ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>