للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتج الأولون بأن ابن عمر راوي الحديث وهو أعلم بمخرجه قد رُوي عنه أنه بايع عثمان بن عفان، قال: فرجعت على عقبي كراهة أن يُرَادَّني البيع (١). قالوا: فالتفرق عند ابن عمر بالبدن لا باللفظ.

وقالوا: إن من جعل المتبايعين هنا المتساومين لا وجه له؛ لأنه معقول أن كل واحد في سلعته بالخيار قبل السوم، وما دام متساومًا حتى يمضي البيع ويعقده وكذلك المشتري بالخيار قبل الشراء، وفي حين المساومة، وإذا كان هذا كله بطلت فائدة الخبر، والشارع يجل عن أن يخبر بما لا فائدة فيه.

وأُجيب بأن له فائدة، وذلك أن المتبايعين لا يبعد أن يختلفا قبل الافتراق بالأبدان، فلو كان كل واحدٍ منهما بالخيار لم يجب على البائع يمين ولا ترادٌّ؛ لأن الترادَّ إنما يكون فيما تم من البيوع.

وادَّعى الطحاوي أن من لم يسم المتساومين متساومين فقد أغفل سعة اللغة؛ لأنه يُحتمل أن يسميا متبايعين لقربهما من التبايع وإن لم يتبايعا، كما سُمي إسحاق ذبيحًا (٢) لقربه من الذبح وإن لم يذبح، وقد قال - عليه السلام -: "لا يسوم (٣) الرجل على سوم أخيه، ولا يبع الرجل على بيع أخيه" (٤) ومعناهما واحد (٥)، وهو اللازم لهم. والتفرق في لسان


(١) سيأتي قريبًا برقم (٢١١٦) كتاب: البيوع، باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا.
(٢) ورد بهامش الأصل: الأكثرون على أن الذبيح إسماعيل؛ لأنه المعروف في الحديث ( … ) إسحاق نبي الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) كذا في الأصل وعليها: كذا. قلت "المحقق": وفي "صحيح مسلم" (١٤١٣): (يقُسم).
(٤) رواه مسلم (١٤١٣) كتاب: النكاح، باب: تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك.
(٥) المصدر السابق ٤/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>