للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العرب بالكلام معروف كعقد النكاح، وكوقوع الطلاق في سمَّاه الله فراقًا قال تعالى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: ١٣٠] وقوله: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ (٤)} [البينة: ٤] وأجمعت الأمة أن التفريق فيها أن يقول لها: أنت طالق.

وقال - عليه السلام -: "تفترق أمتي" (١) ولم يرد التفرق بالأبدان.

وأجمعوا أن رجلًا لو اشترى قرصًا أو ماءً فأكل القرص أو شرب الماء قبل التفرق لكان ذلك له جائزًا، أو كان قد أكل ماله، وسيأتي ذكر مبايعة ابن عمر لعثمان، بعد بيان مذهب ابن عمر، وأنه حجة لمن قال: التفرق بالكلام؛ كذا قال، ولا يسلم له. وحكى الطحاوي، عن المزني، عن الشافعي أنه قال في قوله تعالى {فَإذَا بَلَغنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] أي: قاربن (٢). وإثبات الشارع الخيار للمتبايعين ما لم يفترقا، إنما هو على ما سوى بيع الخيار، عملًا بقوله: "إِلَّا بَيْعَ الخِيَارِ" فاستثنى بيع الخيار فيما قد تم فيه البيع، وبقي الخيار في بيع الخيار بعد التفرق حتى يتم أمد الخيار فيختار البيع أو يرد.

وذهب أكثر من يرى التفرق بالأبدان إلى أنه إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فاختار إمضاء البيع فقد تم البيع وإن لم يتفرقا بالأبدان، إلا أحمد فإنه قال: هما بالخيار حتى يتفرقا، خَيَّرَ أحدهما صاحبه

أو لم يُخَيِّرْه (٣).


(١) رواه أبو داود (٤٥٩٦)، والترمذي (٢٦٤٠) وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجه (٣٩٩١)، والإمام أحمد ٢/ ٣٣٢، وصححه الألباني في "الصحيحة" (٢٠٣).
(٢) انظر قول الشافعي في: "الأم " ٥/ ١٢٨.
(٣) انظر "المغني" ٦/ ١٥، ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>