للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني بالعذاب: الجلد، لأنَّ الرجم لا ينتصف، وإحصان الأمة إسلامها عند مالك والكوفيين والشافعي وجماعة كما نقله عنهم ابن القطان، وقيل: معناه: لم تعتق فيزول بالعتق، وقيل: معناه: ما لم تتزوج، وقد اختلف فيه في قوله تعالى: {فَإِذَآ أُحصِنَّ} [النساء: ٢٥] هل هو الإسلام أو التزويج -فتحد المزوجة وإن كانت كافرة، قاله الشافعي- أو الحرية.

وحديث علي: "أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن". أخرجه مسلم موقوفًا (١) والنسائي مرفوعًا (٢)، فتُحد الأمة على أي حالة كانت، ويعتذر عن الإحصان في الآية فإنه أغلب حال الإماء، وزعم أبو عمر أن من قرأ (أحصن) بالفتح فمعناه: تزوجن وأسلمن، ومن ضم قال: زوجن (٣).

ومعنى "لا يثرب": لا يلومن ولا يعذبن بعد الجلد، ويؤيده أنَّ توبة كعب بن مالك (٤)، ومن فرَّ يوم حنين حين تاب الله عليهم (٥)، كانت شرفًا لهم، ولم تكن لهم ملامة، فبان أنَّ اللوم والتثريب لا يكون إلَّا قبل التوبة أو الجلد.

وقال الخطابي: معناه لا يقتصر على تعييرها وتوبيخها دون الجلد (٦)، ولا شك أنَّ الإكثار من اللوم يزيل الحياء والحشمة،


(١) مسلم (١٧٠٥) كتاب: الحدود، باب: تأخير الحد عن النفساء.
(٢) "السنن الكبرى" ٤/ ٣٠٤ (٧٢٦٨) وقد تقدم بنحوه.
(٣) "التمهيد" ٩/ ٩٨.
(٤) سيأتي حديثه هذا مطولًا برقم (٤٤١٨)، ورواه مسلم (٢٧٦٩).
(٥) خبرهم في سورة التوبة [٢٥ - ٢٦].
(٦) "أعلام الحديث" ٢/ ١٠٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>