وغالب أحوال العبيد عدم الاندفاع باللوم، بخلاف الحر.
العبد يقرع بالعصا … والحر تكفيه الملامة (١)
وأوجب أهل الظاهر بيع الأمة إذا زنت الرابعة وجلدت، والأمة كلها على خلافه، وكفى بقولهم جهلًا خلاف الأمة له.
واختلف العلماء في العبد إذا زنى، هل الزنا عيب يجب رده به أم لا؟
فقال مالك: هو عيب في العبد والأمة، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور. وقال الشافعي: كل ما ينقص من الثمن فهو عيب.
وقال الكوفيون: هو في الجارية عيب لأنها تستولد دون الغلام، وكذلك ولد الزنا عيب يرد به.
وقال مالك: إذا كانت الجارية ولد زنا فهو عيب، وإنما جعل الزنا عيبًا؛ لأنه ربما بلغ الحد به مبلغ تلف النفس، وإنَّ المنايا قد تكون من القليل والكثير، وإذا صح أنَّه عيب وجب على البائع إعلامه، فإذا رضي به صح البيع كسائر العيوب، وإذا لم يبِّينه كان للمبتاع رده إن شاء.
فإن قلت: فما معنى أمره - عليه السلام - ببيع الأمة الزانية والذي يشتريها يلزمه من اجتنابها، ومباعدتها ما يلزم البائع.
فالجواب: أنَّ فائدة ذلك -والله أعلم- المبالغة في تقبيح فعلها، وإعلام أنَّ الأمة الزانية لا جزاء لها إلَّا البيع أبدًا، وأنها لابقاء لها عند سيد، وذلك زجر لها عن معاودة الزنا وأدب بالغ، ولعل الثاني يعفها بالوطء، أويبالغ في التحرز عليها أو يزوجها أو يصونها بهيبته، أو بالإحسان إليها والتوسعة عليها، وأشباه ذلك.
(١) من قول الشاعر: خلف بن خليفة الأقطع. من شعراء العصر الأموي.