قال القرطبي: لم يعرج الشافعي على اللغة المعروفة فيها، وكأنه اعتمد على تفسير يحيى بن سعيد راوي الحديث، فإنه قال: العرية أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبًا بخرصها تمرًا. قال: وهذا لا ينبغي أن يعول عليه؛ لأنه ليس صحابيًّا فيقال: فهم عن الشارع، ولا رفعه إليه ولاثبت فيه عرف غالب بشرع حتى نرجحه على اللغة، وغايته أن يكون رأيًا ليحيى لا رواية له، ثم يعارضه تفسير ابن إسحاق، فإنه قال: العرايا أن يهب الرجل الرجل النخلات فيشق عليه أن يقوم عليها، فيبيعها بمثل خرصها، ثم هو عين المزابنة المنهي عنها، ووضع رخصه في موضع لا ترهق إليها حاجة أكيدة، ولا يندفع بها مفسدة، فإن المشتري لها بالتمر يمكن من بيع تمره بعين أو عروض، ويشتري بذلك رطبًا، لا يقال: قد يتعذر هذا فأخذ بيع الرطب بالتمر إذا كان الرطب لا على رءوس النخل، إذ قد يتعذر بيع التمر على من هو عنده ممن يريد أن يشتري الرطب به، ولا يجوز ذلك (١).
قلت: التفسير ملحق في آخر الحديث، فيجوز أن يكون من راويه وهو أعرف، وما ذكره البخاري عن مالك في تفسيرها، ذكر أبو عمر ابن عبد البر، عن ابن وهب عنه أنه قال: العرية أن يعري الرجل الرجل النخلة أو النخلتين أو أكثر من ذلك، سنة أو سنتين أو ما عاش، فإذا طاب التمر وأرطب، قال صاحب النخل: أنا أكفيكم سنيها وضمانها ولكم خرصها تمرًا عند الجداد، فكان ذلك منه معروفًا كله عند الجداد ولا أحب أن يتجاوز ذلك خمسة أوسق. قال: وتجوز العرية في كل