وقال بعض الكوفيين: النهي عنه للتنزيه فقط والمشورة عليهم لكثرة ما كانوا يختصمون إليه فيه، واحتجوا بحديث زيد بن ثابت، وأئمة الفتوى على خلاف قولهم، والنهي عندهم محمول على التحريم، وكان محمد بن الحسن يذهب إلى أن النهي الذي ذكرناه هو بيع الثمرة على أن تترك في رءوس النخل حتى تتناهى وتجد، وقد وقع البيع عليه قبل التناهي، فيكون المشتري قد باع ثمرًا ظاهرًا. وأما تنميه على نخل البائع بعد ذلك إلى أن يجد فذلك باطل، فأما إذا وقع البيع بعدما تناهى عظمه وانقطعت زيادته فلا بأس بابتياعه، واشتراط تركه إلى أن يحصد ويجد، وإنما وقع النهي عن ذلك لاشتراط الترك
لمكان الزيادة.
قال: وفي ذلك دليل على أنه لا بأس بذلك الاشتراط في ابتياعه بعد عدم الزيادة. قال الطحاوي: وتأويل أبي حنيفة وأبي يوسف في هذا أحسن عندنا، والنظر يشهد له (١). وتخصيصه - عليه السلام - البائع والمبتاع بالذكر يدل على تأكيد النهي في ذلك؛ لأن النهي إذا ورد عن الله ورسوله فحقيقته الزجر عما ورد فيه، قال تعالى {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧] ومعنى النهي عن ذلك عند عامة العلماء خوف الغرر؛ لكثرة الجوائح فيها، وقد بين ذلك بقوله:"أرأيت إن منع الله الثمرة" إلى آخره كما سيأتي، فنهى عن أكل المال بالباطل، فإذا بدا صلاحها واحمرت أمنت العاهة عليها في الأغلب وكثر الانتفاع بها؛ لأكلهم إياها رطبًا فلم يكن قصدهم بشرائها الغرر، وأما فعل زيد بن ثابت في مراعاته طلوع الثريا فقد روي عن عطاء، عن أبي هريرة،