للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: إنه اشترى بقرًا، وهو تصرف منه في أمر لم يوكله به فلا يستحق عليه ربحًا. والأشبه بمعناه أنه قد تصدق بهذا المال على الأجير بعد أن اتَّجر فيه وأنماه.

والذي ذهب إليه أكثر الفقهاء في المستودع إذا اتَّجر بمال الوديعة،

والمضارب إذا خالف رب المال فربما أنه ليس لصاحب المال من الربح شيء (١).

قال ابن التين: وقوله في المضارب غير بين؛ لأنه مال ماذون فيه، فربحه عند مالك لربه، بخلاف الوديعة، وعند أبي حنيفة المضارب ضامن لرأس المال، والربح له ويتصدق به، والوديعة عليه.

وقال الشافعي: إن كان اشترى السلعة بعين المال فالبيع باطل، وإن كان بغير عينه فالسلعة ملك المشتري، وهو ضامن للمال. ومذهب مالك: أن الربح للمودع كيفما اشترى إن اشترى لنفسه ولا دليل عليه من الحديث؛ لأنه اشتراه لرب الفرق.

وقال ابن بطال: أجمع الفقهاء أنه لا يلزم شراء الرجل لغيره بغير إذنه إلا حتى يعلمه ويرضى به، فيلزمه بعد الرضا به إذا أحاط علمًا به، واختلف ابن القاسم وأشهب فيما إذا أودع رجل رجلًا طعامًا فباعه المودع بثمن فرضي المودع، فقال ابن القاسم: له الخيار، إن شاء أخذ مثل طعامه من المودع، وإن شاء أخذ الثمن بالذي باعه به، وقال أشهب: إن رضي بذلك فلا يجوز؛ لأنه طعام بطعام فيه خيار.

وهذا الحديث دلَّ على صحة قول ابن القاسم؛ لأن فيه أن الذي كان ترك الأجير فرق ذرة، وأنه زرعه له الذي بقي عنده حتى صار منه ما ذكر،


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ١٠٨٩ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>