للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه المنع المطلق. وقال زفر: له أن يأخذ العرض بالقيمة.

وأولى الأقوال في ذلك قول من أجاز الانتصاف من حقه إذا وجد مال من ظلمه بدلالة الآية، ودلالة حديث هند، ألا ترى أنه أجاز لها أن تطعم عياله من ماله بالمعروف عوض ما قصر فيه من طعامهم، فدخل في معنى ذلك كل من وجب عليه حق لم يوفه أو جحده أنه يجوز له الاقتصاص منه.

وليس حديث "أدِّ الأمانة" مخالف لهذا المعنى؛ لأن من أخذ حقه فلا يسمى خائنًا، فمعناه الخصوص، فكأنه قال: أدها إن لم يكن غاصبًا لمالكَ ولا جاحدًا له، وأما من غصبك حقك وجحدك فليس يدخل فيمن أُمِرَ بأداء الأمانة إليه؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] ولدلالة حديث هند، وهذا التأويل ينفي التضاد ودليل القرآن.

وتبويب البخاري دال عليه، وإذا سرق من غريمه فأراد قطع يده فادعى أنه اقتص من حقه لم يقطع كما قال الخطابي؛ للشبهة فيه إذا قامت له بينة بما ادعاه من الحق وإلا قطع (١).

وفي "الهداية" من له على آخر دراهم فسرق مثلها لم يقطع؛ لأنه استيفاء لحقه، والحال والمؤجل فيه سواء؛ لأن التأخير لتأخر المطالبة، وكذا لو سرق زيادة على حقه؛ لأنه بمقدار حقه يصير شريكًا فيه، وإن سرق عروضًا قطع؛ لأنه ليس له ولاية الاستيفاء منه إلا بالتراضي، وعن أبي يوسف لا يقطع؛ لأن له أن يأخذه عند بعض العلماء قضاء من حقه أو رهنًا بحقه (٢).


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ١٢٢٣.
(٢) "الهداية" ٢/ ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>