للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك في رواية ابن أبي حفصة (و) (١) عقيل عن سليمان بن كثير: "إذا سأل أحدكم جاره" و"من سأله جاره أن يضع خشبه في جداره فلا يمنعه" (٢)، وهكذا روى هؤلاء هذا الحديث على سؤال الجار جاره واستئذانه إياه أن يجعل خشبه على جداره، ولم يذكر معمر ويونس في هذا الحديث السؤال والمعنى فيه واحد، وروى هذا الحديث عن مالك الليثُ، فقال فيه: "من سأله جاره .. " (٣).

واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث هل هو على وجه الندب أو الإيجاب؟

فقالت طائفة بالثاني إذا لم يكن في ذلك مضرة على صاحب الجدار، وهو قول الشافعي في القديم، وإن أطلقه عنه ابن بطال وأحمد وإسحاق وداود وأبي ثور وجماعة من أصحاب الحديث وابن حبيب من المالكية، وهو مذهب عمر بن الخطاب. وحكى عن مالك ذلك المطلب -قاض- أنه كان بالمدينة يقضي به، وقاله أبو هريرة في زمن الأعرج والتابعين (٤).

وقالت طائفة بالأول لا يغرز الخشب في حائط أحد إلا بإذنه، والحديث محمول على الندب، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي في الجديد (٥)، والحجة لهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن دماءكم وأموالكم عليكم


(١) في الأصل: (عن)، والمثبت من "التمهيد"، وهو الصواب.
(٢) رواه عنهم الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ٦/ ٢٠٤ - ٢٠٦ (٢٤١٧ - ٢٤٢٠).
(٣) "التمهيد" ١٠/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٤) انظر: "الاستذكار" ٢٢/ ٢٢٦ - ٢٢٧، "شرح ابن بطال" ٦/ ٥٨٦، "شرح مسلم" للنووي ١١/ ٤٧، "روضة الطالبين" ٤/ ٢١٢.
(٥) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٤٠١، "الاستذكار" ٢٢/ ٢٢٥، "شرح مسلم" ١١/ ٤٧، "روضة الطالبين" ٤/ ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>