للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرام" (١) وأنه لا يجوز لأحد أن يجبر أحدًا على أن يفعل في ملكه ما يضر به، وقد قال - عليه السلام -: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه" (٢)، فعلمنا أن حديث أبي هريرة للندب وحسن المجاورة لا للوجوب، وهي كقوله - عليه السلام -: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" (٣)، ولقوله: "ما آمن من بات شبعان وجاره طاوٍ" (٤).

قالوا: ولو كان الحديث معناه الوجوب ما جهل الصحابة تأويله ولا كانوا معرضين عن أبي هريرة حين حدثهم به، وإنما جاز لهم ذلك لتقرير العمل، والأحكام عندهم بخلافه، ولا يجوز عليهم جهل الفرائض، فدل ذلك أن معناه على الندب، وفي هذا دليل أن تأويل الأحاديث على ما بلغناها عنه الصحابة لا على ظاهرها.

قال المهلب: ولو بلغ من اجتهاد حاكم أن يحكم فيه لنفذ حكمه بما خص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته من ذلك، كما حكم عمر على ابن مسلمة في تحويل الساقية إلى جنبه.

وسئل ابن القاسم عن رجل كانت له خشبة في حائط أدخلها بإذنه، ثم إن الذي له الحائط وقع بينه وبين الذي له الخشب شحناء، فقال له: أخرج خشبك من حائطي، فقال مالك: ليس لنا أن نخرجه على وجه


(١) سلف برقم (٦٧) كتاب: العلم، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رب مبلغ أوعى من سامع" من حديث أبي بكرة.
(٢) رواه أحمد ٥/ ٧٢ - ٧٣، من حديث أبي حُرَّة الرقاشي، و ٣/ ٤٢٣ من حديث عمرو بن يثربي بنحوه.
(٣) سيأتي برقم (٦٠١٤) كتاب: الأدب، باب: الوصاة بالجار، من حديث عائشة.
(٤) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ١٦٤ (٣٠٣٥٠) من حديث ابن عباس، ورواه الطبراني ١/ ٢٥٩ (٧٥١) من حديث أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>