للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأحمد من حديث ابن عمر: أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - شفرة وخرج إلى السوق وبها زقاق خمر جلبت من الشام فشق بالمدية ما كان من تلك الزقاق، وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته، ففعلت (١).

وأما الزقاق، فرأى مالك أن الماء لا يطهرها لما يداخلها وغاص فيها من الخمر، ورأى غيره تطهيرها وغسلها بالماء؛ لأن الماء أيضًا يغوص فيها ويطهر ما غاص فيها من الخمر.

وفي حديث ابن مسعود من الفقه: كسر آلات الباطل وما لا يصلح إلا للمعصية كالطنابير والعيدان والمزامير والبرابط، التي لا معنى لها إلا التلهي بها عن ذكر الله والشغل بها عما يحبه إلى ما يسخطه أن يغيره عن هيئته المكروهة إلى خلافها من الهيئات التي يزول معها المعنى المكروه، وذلك أنه - عليه السلام - كسر الأصنام، والجوهر الذي فيه لا شك أنه يصلح -إذا غير عن الهيئة- المكروهة لكثير من منافع بني آدم، وقد روي عن جماعة من السلف كسر آلات الملاهي، وروى سفيان عن منصور، عن إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري معهن الدفوف فيخرقونها (٢)، وروى نافع عن ابن عمر أنه كان إذا وجد أحدًا يلعب بالنرد ضربه وأمر بها فكسرت (٣).

قال المهلب: وما كسر من آلات الباطل وكان في خشبها بعد كسرها منفعة فصاحبها أولى بها مكسورة، إلا أن يرى الإمام حرقها بالنار على معنى التشديد والعقوبة على وجه الاجتهاد، كما فعل عمر حين أحرق


(١) أحمد ٢/ ١٣٢ - ١٣٣.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٥/ ٣١٧ (٢٦٤٥٦).
(٣) رواه مالك في "الموطأ" ص ٥٩٤ (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>