للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي حديث آخر: ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعزلونهن (١).

وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ما جاءت به هذِه الأمة فلا يلزم مولاها إلا أن يقر به، وإن مات قبل أن يُقر به لم يلزمه، وهو قول الكوفيين.

واحتجوا على ذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم -، إنما قال لعبد بن زمعة: "هو لك" ولم يقل: هو أخوك، فيجوز أن يكون أراد بقوله: "هو لك" أي: هو مملوك لك بحق ما لَكَ عليه من اليد، ولم يحكم في نسبه بشيء، والدليل على ذلك أمره سودة بالاحتجاب منه، فلو جعله ابن زمعة [لما حجب منه بنت زمعة] (٢)؛ لأنه لا يأمر بقطع الأرحام، وإنما كان يأمر بصلتها، ومن صلتها التزاور، وكيف يجوز أن يأمرها أن تحتجب من أخيها وهو يأمر عائشة أن تأذن لعمها من الرضاعة بالدخول عليها (٣)، ولكن وجه ذلك أنه لم يكن حكم فيه بشيء غير اليد التي جعلها لعبد ولسائر ورثة زمعة دون سعد.

واحتجوا أيضًا بما رواه شعبة، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة قال: كان ابن عباس يأتي جارية له فحملت، فقال: ليس هو مني، إني أتيتها إتيانًا لا أريد به الولد.

وروى الثوري، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد أن أباه كان يعزل عن جارية فارسية فأتت يحمل فأنكره، وقال: إني لم أكن أريد ولدك وإنما استطبت نفسك فجلدها وأعتقها (٤).


(١) "الموطأ" برواية يحيى ص ٤٦٣.
(٢) الزيادة من ابن بطال ٧/ ٤٥ حتى يستقيم المعنى، وهي أيضًا عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٣/ ١١٥، وقدمنا ابن بطال لأن المصنف ينقل كلام الطحاوي من عنده.
(٣) سيأتي برقم (٢٦٤٤) كتاب: الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب.
(٤) وتمامه في "شرح معاني الآثار" ٣/ ١١٦: وأعتقها وأعتق الولد.

<<  <  ج: ص:  >  >>