للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (أشهد على هذا غيري) يريد الوعيد لقوله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} ليس على إباحة الشهادة على الجور والباطل لكن كما قال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] وحاشا له - صلى الله عليه وسلم - أن يبيح لأحد الشهادة على ما يخبر هو أنه جور أو أن يمضيه ولا يرده.

الثالث:

في قوله - عليه السلام -: "اردده" أن للأب الرجوع فيما وهب لولده وفيه قولان لأهل العلم:

أحدهما: نعم. قال مالك: له ذلك وإن أقبضها الولد ما لم تتغير في يد ولده أو يستحدث دينًا أو تتزوج البنت بعد الهبة (١). وقال الشافعي: له الرجوع مطلقًا (٢)، ولم يعتبر طروء دين أو تزويجًا.

وثانيهما: لا، وبه قال أبو حنيفة (٣)، وحديث النعمان حجة عليه؛ لأنه - عليه السلام - أمره بالرجوع فيما وهب لابنه.

فإن قلتَ: لم يكن قبضها النعمان، فلذلك جاز الرجوع فيها.

قلتُ: هي تلزم عند مالك بالقول ولا يفتقر في صحتها إلى القبض، ولو كان الحكم فيها يختلف بين أن تكون مقبوضة أو غير مقبوضة لاستعلم الشارع الحال، وفضل بينهما.

وأيضًا فإن مجيئه له يُشْهِدُهُ يدل على أنه كان أقبضه، ولو كان لم يقبضه لما كان لقوله: "ارْجعه" معنى؛ لأنه عندكم قبل القبض لا يلزمه


(١) انظر: "المدونة" ٤/ ٣٣٧.
(٢) انظر: "مختصر المزني" ٣/ ١٢٢.
(٣) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٤/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>