للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون أهل العسكر (١). وهو قول الأوزاعي وابن القاسم (٢).

قال: وأما حديث عياض: "إني نهيت عن زبد المشركين" فهو معارض لقبوله هداياهم، فيكون ناسخًا لها، قيل: يحتمل أن يكون تركها لما في ذلك من التأنيس والتحاب، ومن حاد الله ورسوله وشاقهما حَرُمَ على المؤمنين موالاته؛ ألا ترى أنه جعل عليه ردها لما لم يسلم.

وقد روى معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: جاء ملاعب الأسنة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهديةٍ فعرض عليه الإسلام فأبى أن يسلم فقال: "إني لا أقبل هدية مشرك" (٣) فدّل هذا الحديث على مثل ما دلّ عليه حديث عياض، وبان به أن قبول الشارع هدية من قبل هديته من المشركين، إنما كان على وجه التأنيس والائتلاف؛ رجاء إنابتهم إلى الإسلام، ومن يئس من إسلامه منهم ردّ هديته.

وقال الطبري: قبول هدايا المشركين إنما كان نظرًا منه للمسلمين، وعودًا بنفعه عليهم لا إيثارًا منه نفسه به دونهم، وللإمام قبول هدايا أهل الشرك وغيرهم إذا كان ما يقبله من ذلك للمسلمين.

وأما رد هدية من رد هديته منهم، فإنما كان ذلك من أجل أنه أهداها له في خاصة نفسه فلم ير قبولها؛ تعريفًا منه لأمته من بعده أنه ليس له قبول هدية أحد لخاصة نفسه، وبين ذلك ما رواه نعيم بن عون عن الحسن قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال له عياض -كانت بينه


(١) المصدر السابق.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ٣/ ٢١٧.
(٣) "الجامع" لمعمر بن راشد ١٠/ ٤٤٦ - ٤٤٧ (١٩٦٥٨) باب: هدية المشرك، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٦/ ١٢٧: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>