للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأهدى (البون) (١) ملك الروم إلى مسلمة بن عبد الملك لؤلؤتين بالقسطنطينية فشاور أهل العلم من ذلك الجيش فقالوا: لم يهدهما إليك إلا لموقعك من هذا الجيش، فنرى أن تبيعهما وتقسم ثمنهما على هذا الجيش، فثبت بفعل الشارع وقول أهل العلم بعده أن الذي كان من رده هدية من رد من المشركين كان لما وُصف لك؛ إذ من المحال اجتماع الرد والقبول في شيء واحد، فبان أن سبب قبول

ما قبل غير سبب رد ما رده.

فإن قلت: إن آخر فعليه ناسخ للآخر. قلت: لو كان كذلك لكان مبينًا، أو كان على الناسخ دليل يفرق بينه وبين المنسوخ؛ إذ غير جائز أن يكون شيء من حكم الله غير معلوم الواجب منه على عباده، إما بنص عليه أو دلالة منصوبة على اللازم فيه، فبان بهذا أن سبيل الأئمة القائمين بعده بأمر الأمة سبيله في أن من أهدى إليه ملك من ملوك أهل الحرب هدية فله قبولها وصرفها حيثما جعل الله ما خوَّل المسلمين من غير إيجاف منهم عليهم بخيل ولا ركاب، وإن كان الذي أهدى إليه وهو منيخ مع جيش من المسلمين بعقرة (دارهم) (٢) محاصرًا لهم؛ فله قبوله وصرفه فيما جعل الله من أموالهم مصروفًا، فيما نيل بالقهر والغلبة لهم، وذلك ما أوجفوا عليه بالخيل والركاب، كالذي فعل الشارع بأموال (قريظة) (٣)؛ إذ نزلوا على حكم سعد لما


(١) في الأصل: النور، وأشار محقق "شرح ابن بطال" ٧/ ١٣٣ إلى أنها كذا بالأصل، لكنه أثبت (البون) من نسخة سماها (هـ).
(٢) في الأصل: دراهم. والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٣) في الأصل: قريضة، وأشار محقق "شرح ابن بطال" ٧/ ١٣٤ إلى أنها كذا بالأصل، لكنه أثبت (قريظة) من نسخة سماها (هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>