للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تقرر ذلك: فاختلف العلماء في شهادة المختبي، فروي عن شريح والشعبي (١) والنخعي أنهم كانوا لا يجيزونها وقالوا: إنه ليس بعدل حين اختبأ ممن يشهد عليه، وهو قول أبي حنيفة والشافعي أي: في القديم دون الجديد (٢).

وذكر الطحاوي في "المختصر" قال: جائز للرجل أن يشهد بما سمع؛ إذا كان معاينًا لمن سمعه منه وإن لم يشهده على ذلك (٣)، قال الشافعيُّ في "الكتاب الكبير" للمزني: العلم من وجوه ثلاثة: ما عاينه فشهد به، وما تظاهرت به الأخبار وثبت موقعه في القلوب، وشهادة ما أثبته سمعا إثبات بصر من المشهود عليه؛ لذلك قلنا: لا تجوز شهادة الأعمى (٤).

وأجاز شهادة المختبئ ابن أبي ليلى ومالك وأحمد وإسحاق، إلا أن مالكًا لا يجيزها إلا على صحةِ ألا يكون المقر مختدعًا ومقررًا على حق، لا يقوله بالبراءة والمخرج منه ومثله من وجوه الحيل (٥)، فروى ابن وهب، عن مالك في رجل أدخل رجلين بيتًا وأمرهما أن يحفظا ما سمعا، وقعد برجل من وراء البيت حتى أقر له بما له عليه، فشهدا عليه بذلك فقال: أما الرجل الضعيف أو الخائف أو المخدوع الذي يخاف أن يستجهل أو يستضعف إذا شهد عليه، فلا أرى ذلك يثبت عليه، وليحلف أنه ما أقر له بذلك، إلا لما يذكر.


(١) رواهما عبد الرزاق ٨/ ٣٥٥ - ٣٥٦، وابن أبي شيبة ٤/ ٤٣٢ (٢١٧٧٠، ٢١٧٧١).
(٢) انظر: "معرفة السنن والآثار" ١٤/ ٣٤٥.
(٣) "مختصر الطحاوي" ص ٣٣٦.
(٤) "مختصر المزني" ٥/ ٢٤٩.
(٥) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ٩، "المغني" ١٤/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>