للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الداودي: العدلُ أن يكونَ مستقيمَ الأمرِ، مُؤديًا لفروضه، غيرَ مخالفٍ لأمرِ العدول في سيرَتِهِ وخلائقه، وغير كثير الخوض في الباطِلِ، ولايتهم في حديثه، ولم يطلع منه على كبيرة أصر عليها، وكثر ذلك في معاملته وصحبته في السفر، قال: وزعم أهل العراق أن العدالة المطلوبة هي إظهار الإسلام، مع سلامته من فسق ظاهر، ويطعن فيه خصمه فيتوقف في شهادته، حتى تثبت له العدالة.

وهو ظاهر كلام عمر إلى أبي موسى وغيره، وقال الشافعي في "الرسالة": العدل هو العامل بطاعة الله، فمن رئي عاملًا بها فهو عدل، ومن عمل بخلافها كان خلاف العدل (١).

ومنع القاضي أبو عبيد علي بن الحسين شاهدين تسارَّا في مجلسه، ونسبها في ذلك إلى قلة الأدب، قال: ولا مروءة مع قلة الأدب.

وعن أبي ثور: من كان أكثر أمره الخير، وليس بصاحب خربة في دين ولا مصرٍّ على ذنب وإن صغر قُبل وكان مستورًا، وكل من كان مقيمًا على ذنبٍ وإنْ صغر لم تُقبلْ شهادته.

وقال أبو عبيد: أما أصحاب الأهواء فأكثر من يقتدى به على إسقاط شهادة أهلها، منهم: مالك وسفيان، وقد كان بعض قضاة العراق يرى إجازتها إذا كان أصحابها فيما سوى ذلك عدولًا، ويذهب إلى أنها منهم تدين، وليس يفسق إلا الخطابية (٢).

والذي عندنا أن البدع والأهواء نوع واحد في الضلال، كما قال ابن مسعود: وكل بدعة ضلالة (٣).


(١) "الرسالة" ص ٣٤.
(٢) انظر: "اختلاف الفقهاء" للمروزي ص ٥٦٣.
(٣) جاء في ذلك عن ابن مسعود حديث مرفوع رواه ابن ماجه (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>