للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنخعي وسعيد بن جبير (١)، وهو قول الثوري والكوفيين وقالوا: توبته فيما بينه وبين الله (٢). قال: وأما المحدود في الزنا والسرقة والخمر، إذا تابوا قبلت شهادتهم.

واحتج الكوفيون في رد شهادة القاذف؛ بعموم {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] وقالوا: إن الاستثناء في قوله {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] راجع إلى الفسق خاصة لا إلى قبول الشهادة.

وقال آخرون: الاستثناء راجع إلى الفسق والتوبة جميعًا، إلا أن يفرق بين ذلك بخبر يجب التسليم له، وإذا قبل الكوفيون شهادة الزاني والمحدود في الخمر والقاذف إذا تابوا، والمشرك إذا أسلم وقاطع الطريق ثم لا تقبل شهادة من شهد بالزنا فلم تتم الشهادة فجعل قاذفًا.

وقام الإجماع على (أن) (٣) التوبة تمحو الكفر، فوجب أن يكون ما دونه أولى، وقد قال الشعبي: يقبل الله توبته ولا تقبلون شهادته (٤).

واحتجوا بأن عمر جلد الذين قذفوا المغيرة واستتابهم وقال: من تاب قبلت شهادته. وكان هذا بحضرة جماعة من الصحابة من غير نكير، ولو كان تأويل الآية ما تأوله الكوفيون لم يجز أن يذهب علم ذلك عن الصحابة، ولقالوا لعمر: لا يجوز قبولها أبدًا.

ولم يسعهم السكوت عن القضاء بتحريف تأويل الكتاب فسقط قولهم.


(١) روى هذِه الآثار ابن أبي شيبة ٤/ ٣٣٠ (٢٠٦٤٥) - (٢٠٦٤٩).
(٢) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣٢٨.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) رواه عبد الرزاق ٨/ ٣٦٣ (١٥٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>