للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلف قولُ مالك وأصحابه، هل تُقبل شهادتُه في كلِّ شيء، فروى عنه ابن نافع أن المحدود إذا حسنت حاله قبلت شهادته في كل شيء، وهي رواية ابن عبد الحكم عنه، وهو قول ابن كنانة (١)، ورواه أبو زيد عن أصبغ، وذكر الوقار عن مالك أنه لا تقبل شهادته، فيما حُدّ فيه خاصة، وتقبل فيما سوى ذلك إذا تاب، وهو قول مطرف وابن الماجشون، وروى العتبي عن أصبغ وسحنون مثله (٢)، والقول الأول أولى؛ لعموم الاستثناء ورجوعه إلى أول الكلام وآخره، ومن ادعى تخصيصه فعليه الدليل.

واختلف مالك والشافعي في توبة القاذف ما هي؟

فقال الشافعيُّ: توبته أن يكذب نفسه (٣).

روي ذلك عن عمر، واختاره إسماعيل بن إسحاق، وقال مالك: توبته أن يزداد خيرًا.

ولم يشترط إكذاب نفسه في توبته لجواز أن يكون صادقًا في قذفه (٤).

قال المهلب: وكان المسلمونَ احتجُّوا في هذا على أبي بكرة؛ ألا ترى أنهم يروون عنه الأحاديث ويَحملون عنه السُّنَّة، وهو لم يُكذب نفسه وقد قال له عُمر: ارجع عن قذفك المغيرة ونقبل شهادتك.

وإنما قال له ذلك عمر -والله أعلم- استظهارًا له كمال التوبة والرجوع عما قال في القذف، وإن كان يجتزأ بصلاح حاله عن تكذيب نفسه في قبول شهادته (٥).


(١) انظر: "الاستذكار" ٢٢/ ٣٧.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ٨/ ٣٣٨، ٣٣٩.
(٣) "الأم" ٧/ ٨١.
(٤) انظر: "الاستذكار" ٢٢/ ٣٨ - ٣٩.
(٥) "شرح ابن بطال" ٨/ ١٦ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>