للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى نافع عن أسلم، عن عمر أنه كتب إلى أمراء الأجناد: ألا يضربوا الجزية إلا على كل من جرت عليه المواسى (١)، وقال عثمان بن عفان في غلام سرق: إن اخضر مئزره فاقطعوه، وإن لم يخضر فلا تقطعوه (٢)، ووجه من جعل الثماني عشرة وشبهها حد البلوغ وإن لم يكن إنبات ولا احتلام، قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: ١٥٢].

قال ابن عباس وغيره من المفسرين: ذلك ثماني عشرة سنة، ومثله لا يعرف إلا بالتوقيف، وقد أجمعوا على اعتبار البلوغ في دفع المال إليه، فدل أن البلوغ يتعلق بهذا القدر من السن دون غيره إلا أن يقوم دليل. وتفرقة الشافعي في الإنبات بين ولد المسلم والذمي انتفاء التهمة بالنسبة إلى الذمي؛ لأجل الجزية بخلاف المسلم، وبهذا ظهر الرد على ابن بطال حيث قال: لا معنى لهذِه التفرقة؛ لأن كل ما جاز أن يكون علامة في البلوغ للكافر جاز أن يكون في المسلم، أصله الحيض للنساء، وأما اعتبار خمس عشرة في حد البلوغ إذا لم يحصل فيها احتلام ولا إنبات فليس في خبر ابن عمر ذكر البلوغ الذي به تتعلق أحكام الشريعة، وإنما فيه ذكر الإجازة في القتال، وهذا المعنى يتعلق بالقوة والجلد، وبه أوله أبو حنيفة، ومن أصل الجميع أن الحكم متى نقل سببه تعلق منه فإنما أجازه للقتال خاصة بهذا السن ومن أجلها عرض، ونحن نجيز قتال الصبي إذا لم يبلغ هذا


(١) رواه سعيد بن منصور ٢/ ٢٤٠ (٢٦٣٢)، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٦/ ٤٨٧ (٣٣١٠٩)، والبيهقي ٩/ ١٩٥ - ١٩٦، ولفظ ابن أبي شيبة: لا تقتلوا.
(٢) رواه بهذا اللفظ الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٣/ ٢١٧، وبمعناه ابن أبي شيبة ٥/ ٤٧٧ (٢٨١٤٣، ٢٨١٤٤)، والبيهقي ٦/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>