اليمين إلا هذا، كما قال قوم: إن المدعي لا يجب له اليمين فيما ادعى إلا أن يقيم البينة أنه قد كانت بينه بين المدعى عليه خلطة ولبس، وإن أقام على ذلك بينة استحلف له وإلا لم يستحلف، فأراد الراوي أن ينفي هذا القول ويثبت اليمين بالدعوى وإن لم يكن مع الدعوى غيرها، قال: وقد يجوز أن يكون ذلك أريد به يمين المدعي مع شاهده الواحد، إلا أن شاهده الواحد كان ممن يحكم بشهادته وحده وهو خزيمة، فإن الشارع كان قد عدل شهادته بشهادة رجلين، فلما كان ذلك الشاهد قد يجوز أن يكون خزيمة، فيكون للمشهود له بشهادته وحده مستحقًّا لما شهد له كما يستحق غيره بالشاهدين ما شهدا له به، فادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إلى المدعي، فاستحلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وأريد بنقل هذا الحديث؛ ليعلم أن المدعي إذا أقام البينة على دعواه وادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إليه أن عليه اليمين مع بينته، فهذا وجه آخر، فلا ينبغي لأحد أن يأتي إلى خبر قد احتمل هذِه التأويلات فيقطعه على أحدها بلا دليل يدله على ذلك من كتاب أو سنة أو إجماع (١).
قلت: وقام الإجماع على استحلاف المدعى عليه في الأموال.
واختلفوا في الحدود والطلاق والنكاح والعتق، فذهب الشافعي إلى أن اليمين واجبة على كل مدعى عليه إذا لم يكن للمدعي بينة، وسواء كانت الدعوى في دم أو جراح أو نكاح أو طلاق أو عتق أو غير ذلك، واحتج بحديث الباب:"شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ" قال: ولم يخص مدعي مال دون مدعي دم أو غيره بل الواجب أن يحمل على العموم،