ورأى في الأموال خاصة اليمين على المدعى عليه دون شاهد يقيمه المدعي (١)؛ لأن إيجاب البينة على المدعي واليمين على المنكر إنما ورد في خصام في أرض بين الأشعث بن قيس ورجل آخر، ففيه قال - صلى الله عليه وسلم -: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ" فرأى مالك حمل الحديث على ما ورد عليه في الأموال خاصة، ورأى في دعوى النكاح والطلاق والعتق والفرية إذا أقام المدعي شاهدًا واحدًا أن يحلف المدعى عليه، فيبرأ من الدعوى بذلك التي قويت شبهتها بالشاهد ولو جاز فيها دخول الأيمان دون شاهد يقيمه المدعي لأدى ذلك إلى إضاعة الحدود واستباحة الفروج ورفع الملك، ولا يشاء أحد أن يدعي نكاح امرأة فتنكر فيحلفها ويبتذلها بذلك، وإن لم تحلف أخذها زوجها واستباح فرجها الذي هو أعلى رتبة من المال؛ لأن المال يقبل فيه شاهد وامرأتان، ولا يقبل ذلك في النكاح، وإذا ادعى أنها زوجته وصدقته المرأة لم يحكم بينهما بثبوت الزوجية بتقار رهما دون بينة تشهد على ذلك، فكذلك لا تقبل دعوى المرأة على زوجها أنه طلقها إلا ببينة ولا يحلفه بدعواها؛ لأن هذا يؤدي إلى أن يستبيح الأجنبي فرجها مع كونها زوجًا للأول؛ لأنه لا تشاء امرأة تكره زوجها إلا ادعت عليه كل يوم طلاقا، وكذا العبد في العتق، ولاسيما إذا علم أن الزوج أو السيد ممن لا يحلف في مقطع الحقوق، فكثير من الناس يتجنب ذلك، فإن لم يحلفا طلقت وعتق.
هذا قول مالك الأول الذي أوجب العتق والطلاق بالنكول، والقول الآخر الذي رجع إليه أشد احتياطًا في تحصين الفروج والحدود، وأما