قياس الشافعي كل دعوى على القسامة فهي باب مخصوص فلا يقاس عليه، ولا يؤخذ ما أصله موجود بالسنة فيجعل فرعا يقاس على أصل لا يشبهه؛ لأن قياس الأصول بعضها على بعض لا يجوز، ولو كان فرعًا ما ساغ قياسه على أصل لا يشبهه، وأحق الناس بأن يمنع أن يجعل في باب الدعوى في الدم قياسًا على القسامة، بل لا يرى القود بالقسامة الشافعي، والقسامة يبدأ فيها المدعي عنده وعند مالك والمدعى عليه في غير هذا يبدأ باليمين، وأيضًا فإنها لم يحكم فيها بالأيمان إلا بعد اللوث، وأقيمت الأيمان مقام الشهادة وغلظت حتى جعلت خمسين يمينًا، وليس هذا في شيء من الأحكام.
وقال ابن لبابة: مذهب مالك على ما روي عن عمر بن عبد العزيز: أنه لا يجب يمين إلا بخلطة، وبذلك حكم القضاة عندنا، والذي أذهب إليه وأفتي به، فاليمين بالدعوى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اليمين على المدعى عليه".
وقال ابن المنذر: لما جعل الشارع ذلك دخل في ذلك الخيار
والشرار، والمسلمون والكفار، والرجال والنساء علمت المعاملة أو لم تعلم؛ هذا قول الكوفيين والشافعي وأصحاب الحديث وأحمد.
قال: ولما قال من خالفنا: إن البينة تقبل من غير سبب تقدم من معاملة بين المدعي وبين صاحبه، وجب كذلك أن يستحلف المدعى عليه وإن لم يعلم معاملة تقدمت بينهما؛ لأن مخرج الكلامين من الشارع واحد، وما أحد في أول ما يعامل صاحبه إلا ولا معاملة كانت بينهما قبلها (١).