للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: فيه رد على المعتزلة أن الأفعال من خلق بني آدم وقد ينفصلون عنه بأن المراد إماته النفس وذلك لله تعالى قطعًا.

وفيه: أن الحدود التي هي محضة لحق الله لا يصلح الصلح فيها.

واختلف في حد القذف هل يصح الصلح فيها أم لا؟ ولم يختلف في كراهته؛ لأنه ثمن عرض ولا خلاف في جوازه قبل رفعه، وأما حقوق الأبدان من الجراح وحقوق الأموال فلا خلاف في جوازه مع الإقرار، واختلف في الصلح مع الإنكار. فأجازه مالك ومنعه الشافعي كما أسلفناه.

وفيه: أن ما كان معلومًا من الشروط والأسباب التي تترتب عليها الأحكام لا يحتاج إلى السؤال عنها، فإن إحصان المرأة كان معلومًا عندهم، وبما في نفس الحديث، وعلى هذا يحمل حديث الغامدية (١)

إذ لو لم تكن محصنة لم يجز رجمها إجماعًا.

وفيه: إقامة الحاكم الحد بمجرد إقرار المحدود من غير شهادة عليه، وهو أحد قولي الشافعي وأبي ثور، ولا يجوز ذلك عند مالك إلا بعد الشهادة عليه، والفصل عن ذلك أنه ليس في الحديث ما ينص على أنه لم يسمع إقرارها إلا أنيس خاصة، بل العادة قاضية بأن مثل هذِه القضية لا تكون في خلوة ولا ينفرد بها الآحاد، بل لابد من حضور جمع كثير ولابد من إحضار طائفة من المؤمنين لإقامة الحد كما قال تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وهذا كله مبني على أن أنيسًا كان حاكمًا، ويحتمل أن يكون رسولًا (يستفصلها) (٢)


(١) رواه مسلم (١٦٩٥) كتاب: الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا.
(٢) كذا في الأصل وفي "القاموس المحيط" مادة: (فصل): الفصل: القضاء بين الحق والباطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>