"المدونة" هي أحق من الأب (١)، وهو مشهور مذهبه، وقيل: الأب أولى منها.
قال الطبري: وفيه دلالة على أن أم الصغير ومن كان من قرابتها من النساء أولى بالحضانة من عصبتها من قبل الأب وإن كانت ذات زوج غير الوالد الذي هو منه، وذلك أنه - عليه السلام - قضى بابنة حمزة لخالتها في الحضانة وقد تنازع فيها ابنا عمها علي وجعفر ومولاها أخو أبيها الذي كان - عليه السلام - آخى بينه وبينه، وخالتها يومئذ لها زوج غير أبيها، وذلك بعد مقتل حمزة فصح قول من قال: إنه لاحق لعصبة الصغير من قبل الأب في حضانته ما لم يبلغ حد الاختيار مع قرابته من النساء من قبل الأم وإن كن ذات أزواج.
فإن قلت: فإذا كانت قرابة الأم أحق وإن كن ذات أزواج فهلا كانت الأم ذات الزوج كذلك كان كما كانت الخالة ذات الزوج أحق به.
قيل: فرق بين ذلك قيام الحجة بالنقل المستفيض ورواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن الأم أحق بحضانة الطفل ما لم تنكح وإذا نكحت فالأب أحق بحضانته.
وقد روي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده وكل واحدة من المسألتين أصل: إحداهما من جهة النقل المستفيض، والأخرى من جهة نقل الآحاد العدول، وغير جائز ردُّ حكم إحداهما على الأخرى؛ إذ القياس لا يجوز استعماله إلا فيما لا نص فيه من الأحكام.